إقرا معنا في هذا الموضوع
يعتبر التبرير حيلة نفسية لا شعورية يلجأ الإنسان إليها في حالة تقديمه عذرا أخلاقيا لعمل قام به غير أخلاقي ، في هدف منه لتبرير ما يشعر به من توتر نفسي داخلي ، وحتى يعم في داخله الاستقرار .
اسباب تبرير الشخص لأفعاله
فطرة الله عز وجل
فلقد فطر الله الإنسان على الإحساس بالذنب دوما ، ووضع بداخله ضميرا يحاسبه على مختلف أعماله ، والذي يسمى بتأنيب الضمير ، بحيث يكون ذلك سببا في القضاء على ما يحدث داخل الإنسان من حالة الصراع التي تتواجد فيه ، حيث أنه مهما حاول الإنسان فهو لا يمكنه أن يعاند ما في أعماق قلبه من فطرة الله التي غرسها داخل أعماقه .
محاولة الهروب عن طريق خلق المبررات
يقوم الشخص بخلق الأعذار والمبررات في حالة الشعور بالذنب تجاه أي عمل ليس بأخلاقي يقوم به ، في هروب من الأفعال التي تنافي العدل والحق ، فمثلا حين يقوم السارق بالسرقة ، فهو يقوم بالتبرير لذاته مثلا أن هناك أغنياء كثيرين لا يساعدون الفقراء ، وأنه لا فرق إذا سرق الفقير من الغني ، فإن ذلك لا يفرق كثيرا في إنقاص أمواله ، فمثلا لن يشعر الشخص الذي يملك مليارات من الجنيهات إذا سرق منه خمسين ألف جنيه ، أو حتى يزيد ، حيث يعد ذلك واحدا من مبرراته .
امثلة من القرآن الكريم على التبرير
ولقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز بسورة يوسف ما فعله إخوته وماذا برروا لأنفسهم حين قال الله عز وجل : اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين ، حيث أجمع الأخوة جميعهم على قتل أخيهم من أبيهم لما وجدوه من حب لأبيهم له أكثر منهم وغيرة منه ؛ لأنه كان أفضل منهم رغم صغر سنه فقد كان المقرب لهم من والدهم ، ولذلك كان تفكيرهم في قتله هاجسا يكبر يوم بعد يوم ، وبالفعل بعد أن قرروا وجدوا لهم المبرر الذي يعمل على تهدئة توترهم النفسي الداخلي والذي يمنحهم الاستقرار في أعماقهم ، وهو حتى يصبح قلب الأب لهم وحدهم .
ولقد قال الله في هذا التبرير في كتابه الكريم بل الإنسان على نفسه بصيره ولو ألقى معاذيره ، أي أن الإنسان مهما يفعل من أمور ليقوم بتبرير مواقفه أمام الناس سواء ليخفي ما يفعله من أمر مشين أو ليداري على فعلاته وأعماله ، فهو في نهاية المطاف ، وعند الجلوس أمام نفسه يعلم في أعماقه ما بدر منه من تصرفات وأن هذه التبريرات في الحقيقة ليست سوى مسكن له أمام عامة الناس ، ولكن مفعولها سرعان ما يزول أثناء استقراره ومجالسته أمام نفسه .
أمثلة لمبررات الدول القوية على أفعالها في الدول الضعيفة
ومن المبررات القوية التي تتخذها الدول الكبرى في حالة مثلا مهاجمتها لدولة أخرى ، مثل مثلا هجوم الولايات المتحدة الأمريكية على فيتنام ، فكنا نجدها تبرر هذه الأمور في أنها تعمل بشكل قطعي وجذري على محاربة الاستبداد الذي فرضه النظام الشيوعي في تلك المنطقة ، في محاولة منها لخلق أعذارا لأفعالها المتوحشة والعدائية أمام العالم ، بينما حتى كثير من الأمريكيين أنفسهم كانوا يرونها حرب غير مبررة ، أنها كانت جزء من الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية .
وبهذا فإن التبرير يعتبر دافعا لا شعوريا يصدر من الشخص في حالة دفاعه عن ذاته أو إقدامه على فعل أمر مشين ، ففي هذه الحالة يقوم بتبرير أخطائه واللجوء ها هنا للأعذار والتبريرات في محاولة منه إما للهروب من تأنيب ضميره أو في محاولة منه للهروب من المجتمع ومعاتبة الناس له .
إرسال تعليق